لماذا نؤجل أفكارا في رؤسنا ، وأعمالا منوطين بها في
هذه ؟ أكثر مما أنطنا نحن لأنفسنا ، ونؤثر أفكارا
وأعمالا أخرى لا فائدة منها أو فيها ورغم أن الأولى يكمن فيها النجاة ، والخير الكثير لنا عمن هو بديل ، وكلي يقين فيما أعتقد
يمر ساخرا بنا الليل والنهار ، يضحك ، ويهزأ بما أمهلنا
الزمان من عمر قليل ، وسنوات تنزح إلى الزوال
وسرعان ما تزول . ومازلنا واقفون على أرصفة
الإنتظار ، تاركين الطريق ، يلهث وحيدا ، واقفون
بإنتظار الوهم ، والساعات المستحيلة ، كي تحرك عقاربها
لا نخجل من عقول احتوتها رؤسنا ، ليس من سبب
لتواجدها ، سوى التوجيه ، والنصح وإخلاص الود
كلما كنا في حاجة إليه ، وما أكثر إحتياجنا لذلك ،
والردع والزجر كلما استحققنا ، أو كلما أوشكت أن تهوي بنا الغفلة !!
كالماء أيامنا كلما تسربت ، لتهرب إلى الماضي ، جف
ماء من أجسادنا ، وتظل في تسرب وجفاف بين
الماضي وبيننا ، حتى ساعة الصفر ،
التي تشير إلى نفاذ كل قطرة ماء سرت بنا
فأسرتنا في هذه الحياة ، فنشرنا ، وانتشرنا
نفعل ولا نرتعد خشية إفلاس الأماني ، ما قيمة
الإنتظار ، في درب الضياع ، والفوات !؟ وتلك الحياة
مستودع الفوات ، وقرار العوج ، وموضع الإنبطاح
لكل من يملك وجها ذليلا ، وقلبا عليلا معلق في
محراب السراب ، وعقلا كليلا مكبلا لا يرقى ،
لأن يحل عقدة واحدة من أغلال قيوده ،
ما لذلك الضعف يعتري قواتنا !؟ يهزم عزائمنا
يخيفنا فنختبىء خلف أنفسنا ، فلا نشعر بالأمان
ونحتال بأتفه الحيل على ضمائرنا لتواصل ، وأيما
طريق سلكناه ، لن يؤدي إلى غير الحقيقة الأكيدة
في هذا العالم المغشي عليه ، حتى تفزعه اليقظة ،
التي طالما نأى عنها وتكبر ، وأبى إلا التلذذ بالنوم
عن كل ما يزعجه ، حتى سحقت جيوش منبهاته ،
على أرض البوار ، واستعمرته الحماقة ، فمسخ على
مكانته آلة ، وبقي آية لمن أراد الوعظ والتأمل
كلما نظرت بعين المتفقد الفاحص لما يجري من جنون ،
يرتد إلى النظر فأعود من سطوري الأخيرة ،
إلى نقطة البدء ، وأبدء زحفا فحبوا ،
وقياما فسقوطا ، وهكذا أقرأ ساعاتي ،
حتى وصلت لعقدي الأربعين قبل أربع سنوات
والأربعين بعد أربع سنوات فات الكثير في طرفة عين ،
لكن المقارنة تأبى أن تعقد ، هناك الكثير مما أحاط
بصري وسمعي وضميري ، لا خلاف أن السنة الواحدة
تبدل الكثير ، ما بال السنوات الكثر ، أختلف لون الحياة
كثيرا ، إعتقدت لوهلة أنني وحدي تتغير رؤيتي ،
و أنها وحدها يتغير شكلها ، لكنني تراجعت عن ذلك
حين أيقنت أننا معا في تغير مستمر ، وعلمت أن النظر
القوي في الصغر رؤيته ضعيفة للغاية ، والنظر الضعيف
في الكبر رؤيتة تثقب الاشياء شيئا فشيء ، وتسألت
هل الكفيف يرى ما لا يراه المبصر ؟ قد يحدث فمن
يستمع غالبا ما يعي ، ومن لا يلقي السمع إلا قليلا فمن
أين سيأتيه الإنتباه ، وغالبا ما يجدي النظر وحده ،
آه .. كم نحن أغبياء ، في نفسي جموح ، وتمرد ليس فهل
خلقت في زمن غير هذا من قبل ؟! والآن أجد ما
عملت يحضر أمامي ، أحيانا أنفصل عن العالم فأنظر
نظرة مجزئة لملامح الناس ، فأرى من الشخص أذن
فقط أو عين متحركة فقط ، وأضع في مخيلتي كل
جزء متباعد عن صاحبه مع مراعاة الأماكن على نحو مرتبط
ويحدث أن أتفاجأ بما ليس هو متوقع ، أشعر بغربة ذلك الكائن ،
وتتلاشى فكرة أن الناظر يكافيء المنظور في الصورة
والهيئة ، والصفات ، وأصغي فإذا بسؤال ، من أنا !؟
ومن هؤلاء !؟ وربما هؤلاء أقرب العالم إلي ،،
فلا يحاسبني أحد ،،
ودعوني الآن في لحظة إنفصال مجنون .
مغرورون ! وصغار جدا نحن ، حين ننسى ، حين نكذب
ونكذب على أنفسنا ، وأعرف الآن لما أمثال الذر
سيحشر المتكبرون ، وكيف للذر أن يتكبر في ملكوت
كهذا ، ومالك الأملاك ينذر بغاشية من العذاب ، أيجترأ
الزهو لهذا الحد .. يهذي الباطل أحيانا بوجه الحقيقة ،
ويعبث غالبا بها ، لا ضمير للباطل ، لكنه الهذيان ،
أحلامي مغرر بها ، وتريد عيناي أن تتفتح ..
أتجرد حينا من الهوا ومن ذاتي أحيانا ..
رحلتي تكاد تنتهي ، أوشكت إقامتي النفاذ ..
والعلاقة الوثيقة بين الرقاد ، والتحليق تزداد..
يوما بعد يوم ترابطا واتضاحا ، وأعد الحقائق في
الحقائب ، وأربط متاع الوداع ، عابر جلست في ركن
من الدنيا ، مررت على صور كثيرة ، مشوهة كل الصور ،
إلا التي حملت عبر ، وهناك فجر بعد لم يؤذن ، كذلك
أنتظر ، جميلة بحق هذه الدنيا ، سوى أنها لا تبقى ولا
تذر ، لذلك أنتظر ، وليت أستطيع بديل أنتظر .
معونة الفصول والسنين منتك، إن ترض ياإلهي ،
قد نلت جنتك .
٣ - ٢٠١٨