شاعر ومشاعر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شاعر ومشاعر

كلماتنا قنينة ومدادها مشاعرنا


    ذكريات عتيقة ......

    Ozlim
    Ozlim
    Admin


    المساهمات : 2094
    تاريخ التسجيل : 27/09/2015
    العمر : 63

    ذكريات عتيقة ...... Empty ذكريات عتيقة ......

    مُساهمة من طرف Ozlim الإثنين أغسطس 08, 2022 6:27 am

    أرجعتني إلى ذكريات عتيقة جدا ، وأخرى حديثة بعض الشيء ، الأولى كانت البوابة الخشبية الضخمة التي ما عدت أراها سوى في لقطات من خيالي ، تلك التي بالفعل ما كان لها سوى ترباس حديدي فقط ، وخلفها الفناءات الثلاث الملحقون بالمنزل ، والذي أحدها وأكبرها كان يتميز ببركة بط وأوز لا تجف ما دامت جدتي حية ترزق ، وقسم أخر يفصله سور عال تمرح فيه الدجاجات بمختلف أنواعها ، وأما القسم الثالث فكان يحوي كلاب المنزل بأطفالهم الصغار ، وبالداخل كانت تعيش القطط الأليفة ، ولا أنسى الباب الذي كان بالمطبخ ، والذي نخرج منه على قسم به درج يؤدي إلى الدور الثاني ، والقسم الأخر المليء بالحمام بأجمل الألوان ، كم كانت حياة جميلة بريئة خالية من كل شيء إلا الوداعة والمودة ، والآن أبحث عن المنزل فلا أجده ، ولا أجد شيئا من ملامحه ، لا الدار هي الدار ولا سكانها بقيوا !!
    كانت الأيام الأجمل ، في ذاك العمر الجميل ، حفرت في ملامحي طفولة ما انفكت تتركني ، وما فتئت أتشبث بها كطوق نجاة في خضم ذلك العالم المخيف ، محاولة مني أن أخادع الأيام وأختبيء منها في عباءة الماضي البريء علها تمر غير مبالية بزراعة الشيب في قلبي ، علها تتركني في ربيعي الدائم ، برغم العلل والآلام المتناساه ، برغم العثرات والمأساة ، تمضي ولا أمضي ، وأظل في منطقة الظل فلا شمس المشيب تحرقني ، ولا ظلام الشبيبة ينهكني ، وأبقى كبير بقلب طفل ، وأبقى طفل ذو عقل رزين ، لازال قلبي بكر عذري النبض ، يعشق كالأطفال ، ويصفو كالطير ، ليت الزمان يعود ليته !! آه كم أشتاق لتلك الصور التي لطالما تحركت أمام ناظري قبل أن تعلق صماء ، على جدران ذاكرتي ، ويطال بعضها غبار النسيان ، وبعضها بضبابات أصابت رؤيتها بالشيخوخة ..
    أشعر كلما لاحت الذكرى يدفء صدر جدتي الحنون ، كم كان حانيا حين تضمني مستقبلة إياي آتية إليها مع والدي يوم الجمعة اليوم المقدس لزيارة أبي إياها ، كم كنت أعشق اللحظة التي تجالسني فيها وحدي أو أنا واختي بينما يكون والدي منشغلا مع عمتي وأعمامي ، لنطلب منها أن تقص علينا ما ولعتنا به من حواديت وحكايات ، كحكايات أبلة فضيلة ، التي أثرت بها خيالنا ، حيث ننام ونصحو وكل ما يدور في عقولنا صور التقطتها عيون خيالنا من ترجمات آذاننا التي فارقها ذلك الصوت الرقيق النحيل والراقي ، صوت جدتي الحبيبة رحمها الله وأنزل سكينته على روحها الطاهرة ..
    أعدك يا جدتي لن أنساك لحظة من عمري ، ولن أنسى أن صاحبة الفضل في نماء كل فضيلة رويتها بي أو زرعتها في ، أو بذرة طيب في نفسي غرستها ، أدعو الله أن يعينني مراجعة القرآن حفظا لآتي ربي يوم القيامة مشيرة إليك بكلتا يدي ها هي من علمتني إياك يا الله فجازها واجرها عني خير الأجر والجزاء ، سألقاك يا حبيبتي في مكان لا يفترق الأحبة فيه ، ولا فقدان يمسهم ..
    كانت جميلة ذكريات بي عادت فوق أطلال الخيال وحلقت ..وألف جناح لطيور ذاكرتي خفقت ورفرفت ..

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 3:28 am